• ×

01:10 مساءً , الخميس 21 نوفمبر 2024

...( منبع الحنان وأمل الحياة )...

زيادة حجم الخط مسح إنقاص حجم الخط
الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لانبي بعده

وبعد :-

تقبل الله منا ومنكم الطاعات ، وجعلنا الله وإياكم ممن أعيد عليهم العيد أعواماً عديدة ، وأزمنةً مديدة ، ونحن وإياكم وجميع المسلمين في حياةٍ سعيدة . قال تعالى ( وقضى رَبُّكَ أَلاَّ تعبدواْ إِلاَّ إِيَّاه وبالوالدين إحساناً ) وقال تعالى ( واخفض لهما جناح الذل من الرحمة وقل رب ارحمهما كما ربياني صغيراً ) سورة الإسراء آية 23 و 24 تمر الشهور والسنين وهذا العام السابع الذي كلما حلَّ بِنَا العيد إنتابني إحساس غريب ، وداهمني شعور لايوصف من الشوق والحنين الذي يعجز لساني عن وصفه ، فأسبح في بحور الذكريات ، واسترجع شريط الماضي والسنوات ، وارجع للوراء بكل تفاصيل الحياة الجميلة ، إنها نور عيني ونبض فؤادي ، وسر فرحتي وسعادتي وإسعادي ، لقد ذهبت معها بنور الحياة الذي كنت استنير به في الليالي الحالكة والدياجير المظلمة ، وكانت ظلاً وارفاً استضل به من هجير الوقت القاسي إذا انهكتني الحياة بلأوائها ونصبها وعنائها وتعبها ، وماءً رقراقا عذباً زلالاً أتلذذ بشربه على الظمأ ، ولَم أكن أدرك أن برحيلها ستترك فراغاً لم ولن يملأه أحد سواها ، وصدق من قال :-< الإنسان لايعرف قيمة النعمة إلاَّ حين يفقدها >، ومن ينعم بهذه النعمة فلن يدرك فضلها وبركتها إلاَّ بعد زوالها ، إحترت وأنا استجمع قواي وأستل قلمي المتواضع الذي يشاركني الحزن ويؤنس وحدتي وقلة حيلتي بماذا أبدأ وماذا أقول فاجتمعتا حيرة كاتب وألم وعجز قلم نعم ايوالله أيها الأحبة إنها النعمة التي لاتضاهيها نعمة ، ولاتشابهها مزية ، وهي العطاء يوم أن قل الوفاء ، هي البلسم الشافي والمنبع الصافي يوم أن تغيرت المشارب وتوالت المتاعب ، هي الأُنس والأَنيس وأفضل جليس في زمن جف فيه الحب ، وندر صدق المشاعر من القلب ، هي الحضن الدافئ الذي لاغنى للإنسان عنه صغيراً كان أوكبيراً فَلَو قُدِّر لي أن استمطر السماء بوابل الخواطر والأحاسيس والمشاعر ، وجمعت من كل كتاب أفضل الكلمات وأجزلها ، ومن كل بستان وحديقة أطيب الثمار وأبهى الورود وأروع الزهور وأجملها ، ومن كل معلقة شعراً يطرب النفس ويبهج الروح ، وتصيدت مع كل صباح جميل نسمات الهواء العليل ، واستفزعت بالشعراء وبأصحاب النثر الفُصَحَاء وبالأُدباء والأَوفياء ، وسكبت على حروفي أطيب الطيب الفاخر ، وجمعت كل الأوراق والمحابر ، فوالله وتالله وبالله حالفاً غير آثم لن أوفيها قدرها ولا أقل القليل من حقها وبرها ، فهي سبب وجودي بعد الله في هذه الحياة تجلى ربي في علاه ، هي الأم الرؤوم ، والعطر الزاكي المشموم، والقلب الرحوم ، هي الأصل وأنا فرع فكيف لاأحن إلى أصلي ، وفرحة أملي، كيف بربك ياعاذلي قلي ، هي السند يوم أن فُقِدَ السند ، وهي البهجة يوم أن غاب يوم السعد ، وهي الكرم يوم أن تلاشى وانعدم ، كم كنت أتمنى أنها بجواري فأقبل كلتا يديها الحانيتين ، وأنطرح عند رجليها التي أضناها تعب السنين ، وارتمي بين أحضانها فيرتاح فؤادي وتقر العين ، فأنا وإن داهم الشيب رأسي ولحيتي أراها الملجأ الحقيقي ، والحصن الحصين ، والمرسى الآمن ، ومصدر الحنان ، ومنبع الود والتودد الذي لم أعرفه مع سواها ، وهي الأحاسيس المرهفة والمشاعر الجيَّاشة التي تتدفق من أرضها وتحلق في سماها ، أَتَذَكَّرْ يا ( أُمَّاه ) يوم أن كنتي تبكين في كل عيد وأنتي تشاهديني مع بقية إخوتي ونحن متهيئين للذهاب لصلاة العيد وعندما استغرب وأسألك عن سبب بكائك تقولين ( الحمد لله ، يارب يارب لاتضيع تعبي في تربية أبنائي ) فلا العيد بعدك ياأماه عيد ولَم نسعد فيه بلبس الجديد • تخنقني العبرات وتتوالى العبرات حينما أتذكر يوم أن تقومي من مكانك ولايهدأ لك بال حتى تودعيني من أمام بيتنا في قريتنا الصغيرة وتلوحين بيدك الكريمة وتقولين ( مع السلامة ، في أمان الله ، أستودعتك الله ياولدي )ونفترق وكلٌ منَّا يتجرع مرارة الوداع الموجع ( أُمَّاه ):- حبيبة قلبي المكلوم تأكدي وإن طال الغياب ، وتباعد الأحباب والأصحاب ، وأصبحتِ رهينة قبرك والتراب ، أن هناك من يدعوا لك في كل صلاة ، وفي كل الأوقات أن يرحمكِ ربي رحمة الأبرار ، ويجمعنا بك في جنته مع حبيبنا محمد صلى الله عليه وسلم وأهل بيته الأطهار ، وصحبه الطيبين الأخيار ، في جنةٍ عرضها السموات والأرض ( أُمَّاه ) :- والحزن يعتصر قلبي والدموع تنهمر من مقلتي أقولها والكآبة تغشى مشاعري ( الفرح والسعادة غابت وماتت يوم أن غادرتي ) والدنيا بأسرها وبكل مافيها لم ولن تسد الفراغ الذي تركته في حياتي • أَعْلَم عِلْم اليقين ، ومؤمنٌ برب العالمين ، أن الموت حق وفراق الأحبة حاصل لامحالة ، وأن أقدار المولى سبحانه ستمضي شئنا أم أبينا ، سخطنا أو رضينا ، فليس لنا إلاَّ الإيمان الصادق منهجاً وعنواناً والصبر والإحتساب في كل زمنٍ ومكانا ، ليخفف لهيب الشوق ومرارة الألم ولوعة الفراق قال تعالى ( كل من عليها فانٍ * ويبقى وجه ربك ذو الجلال والإكرام )سورة الرحمن 26+ 27 وأخيراً وأختم :- يامن أكرمه الله بوجود والديه أحدهما أو كلاهما احمد الله على هذه النعمة العظيمة التي حرم منها الكثير من الناس وعليك ببرهما أحياءً وأمواتاً فإنهما كنز لايعوض ولايقدر بثمن ، وباب من أبواب الجنة الثمانية الله الله أن تضيعه ، أو تخطئ طريقه ، فهما نور الحياة ، ومصباحا الدجى ، والبركة الحالة في المال والأهل والجسد والوقت ، وهما السعادة والتوفيق ، فحذاري حذاري أن تخطئ الخُطاَ والطريق ، وكن لهما الصديق وأوفى رفيق ، لتفوز بالدارين • ربِّ ارحمهما كما ربونا صغاراً ، وأعنا على برهما أحياءً وأمواتاً ، وسراً وجهاراً ، وصغاراً وكباراً ، وجازهما بالحسنات إحساناً وبالسيئات عفواً وصفحاً وغفراناً ، اللهم من كان منهما حيَّا فأطل عمره على طاعتك ، وأحسن خاتمته ، ومن كان منهما مريضاً فألبسه ثياب الصحة والعافية ، وشافه وعافه عاجلاً غير آجل ، ومن مات منهما فأكرم وفادته ، وضاعف بعفوك سعادته ، وأنزل على قبره شآبيب الرحمات ، واجعله ممن يأتي آمناً يوم القيامة ، ويَسِّر حسابه ، ويَمِّن كتابه ، وتوله فيمن توليت بمحض عفوك وجودك وكرمك ، ياذا الجود والإحسان ، واجمعنا بهما في دار كرامتك ، وبحبوحة جنتك ، إنك سميع قريب مجيب الدعاء والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .

أخوكم ومحبكم وراجي الخير لكم / فايز بن جابر آل تركي العلياني - المنطقة الشرقية - الدمام

بواسطة : admin
 0  0  1.3K
التعليقات ( 0 )

جديد المقالات

بواسطة : admin

يا عود جاوبني معي دق الأوتار=قدامك أمواج البحر...


بواسطة : admin

شفتها تمشي على شاط البحر=واعجبتني يوم تقصر...


بواسطة : admin

العين لو فارقت لحباب مجبوره=طال الدهر عين عبد...


جميع الأوقات بتوقيت جرينتش +3 ساعات. الوقت الآن هو 01:10 مساءً الخميس 21 نوفمبر 2024.