هذه القصة لايعرف متى وقعت ولكن بعض من الرواة قالوا انها وقعت في القرن الثالث عشر والله أعلم، وبطل القصة محمد وهو من أهل بلدة عودة سـدير الواقعة في شمال غرب الرياض عاصمة المملكة العربية السعودية بحوالي 100كم يعيش في مزرعته ومتزوج وله إبناً اسمه دباس وابنتين، فشب دباس على إحترام الناس وحب الخير وكذلك الكرم والشجاعة، وكان والده يكن له الحب بسبب هذه الصفات التي يتحلا بها ابنه دباس، وعندما شب دباس وبلغ العشرون عاما من العمر، سافر في طلب الرزق ويقال انه ذهب الى العراق ومنهم من قال انه سافر الى عمان، خلال غياب دباس عن والده تزوج الوالد بإمرأة وكان لها أخوة فأرادوا ان يتزوجوا من إبنتا محمد بو دباس فرفض ذلك، فقام أخوة زوجته بعمل الدسائس ضده ونشر الإشاعات في البلدة وتعرضوا الى إبنتا محمد، ولم ينتهي الأمر الى ذلك بل قاموا بقطع الماء عن مزرعته مما أدى ذلك الى هلك مزروعاته فتضايق محمد من أخوة زوجته ومما أصابه من الإهانات، فأشار عليه صديق بأن يرسل في طلب إبنه دباس لعل في حضوره ينجلي هذا المصاب، فأرسل محمد مع ركب متجه الى تلك الديار قصيدة طويلة وفي مضمونها يخبر ابنه بماحصل له.
فقال محمد أبو دباس :
ياونة ونيتهـا مـن خـوى الـراس ... من لاهـب بالكبـد مثـل السعيـره
ونين من رجله غـدت تقـل مقـواس ... يون تالـي الليـل يشكـي الجبيـره
ويامل قلبي مل بـن بمحمـاس ... وياهشـم حالـي هشمهـا بالنجيـره
وياوجد حالي يا مـلا وجـد غـراس ... يوم اثمرت واشفا صفـا عنـه بيـره
من ثمر قلبـي سـرا هجعـة النـاس ... متنحـر درب عسـى فيـه خـيـره
الله يفكـه مـن بـلا سـو الاتعـاس ... ومن شـر عبثـات الليالـي يجيـره
فى ديـرة تقطعـت عنـه الارمـاس ... سبعيـن يـوم للركـايـب مسـيـره
لاوالله إلاحـال مـن دونـه اليـاس ... حـط البحـر والبـر دون الجزيـره
يالله ياللـي رد مـن عقـب مايـاس ... يوسف على يعقوب وابصـر نظيـره
ترد على دباس يا محصـي النـاس ... ياعالـم مـا بالخـفـا والسـريـره
يادباس أنا بوصيك عن درب الادناس ... ترى الـذي مثلـك يناظـر مسيـره
عليك بالتقوى تـرى العـز يادبـاس ... فى طاعة اللـي مـا ينجيـك غيـره
هذي ثمان سنين من رحـت يادبـاس ... لا رسالـة جتنـي ولا مـن بريـره
يادباس من عقبك ترى البال محتـاس ... وعليك دمـع العيـن حـرق نظيـره
وعليك كنى فى دجـا الليـل حـراس ... أصبح على حيلـي وعينـي سهيـره
أصبح انا مابين طـاري وهوجـاس ... وطـواري تطـري علينـا كثـيـره
مثل الوحش قلبي على كـف حبـاس ... يكفخ كمـا طيـر اسبوقـه قصيـره
متحير من عيلـه البيـت يـا دبـاس ... ارجى ثـواب الله وأخـشى المعيـره
أخاف من حكي العداء ثـم الانجـاس ... أهـل الحكايـا الطايلـه والقصيـره
ويقال خلا عيلته عـن نـزا الـراس ... أقفـا وخـلا عيلـه لـه اصغـيـره
والا فنا يا بـوك قطـاع الارمـاس ... مانيب مثبـور و رجلـي كسيره
أصلك لو دونك نبا حمـر الاطعـاس ... الصلـب والصمـان ماهي عسيـره
مهالـك مـدارك مـا بهـا أونـاس ... إلا الثعـل والبـوم تسمـع صفيـره
لركب على وجنا من الهجن عرماس ... فج النحـر يادبـاس حمـرا ظهيـره
متروسه الفخذيـن مزبـورة الـراس ... كن الخلاص اعيونهـا سعت أديـره
او شبـه ربـد تخـفـق بـالاونـاس ... وان رفعـت جنحانـهـا مستـذيـره
تنشر من العوده على نـور الانفـاس ... عند الفجـر والليـل مقفـي مريـره
والعصر بالصمان تسمع لها اضراس ... حبل الرسـن خطـر تبتـر جريـره
نهـار ثالـث بيـن حمـا الاوراس ... واره يمينك جعلهـا لـك سفـيـره
ثـم علي ساقيـه تقلـب الـراس ... تمشي بهلها فـى البحـور الغزيـره
إلى مسقط الفيحاء بها الخير محتـاس ... لولا الكفـر والشـرك وواي ديـره
فيها الطبيخ وراهي الخبـز يادبـاس ... يقعد خـوى الـراس خنـه خميـره
هى ديرة اللي باغـى كيفـة الـراس ... ولا له حد همه مـن النـاس غيـره
هيس ولد هيس لصحاف لحـاس ... يفـرح الـى نيـدى لذبـح العقيـره
ذا ما قفك يادباس مـا فيـه نومـاس ... يصلـح لقيـن مهنتـه طـق زيـره
ترى الفداوي دون وأنت انشد الناس ... راعيـه مـا يذكـر بخيـر وغيـره
ماله سوى طق الحنك منـه واليـاس ... والى انقطع خرجه فـلا لـه ذخيـره
طلب المعيشه بالحراثـه والاجنـاس ... المشتري والبيـع يوصـف وغيـره
قم انهض العيرات مـع كـل فـراس ... يـادبـاس دور خـيـر تستشـيـره
جدك وعمانـك عـلى العـز والياس ... أهـل المواجب مكملين القصيـره
يادباس ما يصبر على البق والحـاس ... إلا الـذي مالـه بنـجـد عشـيـره
واليوم يامـروي شبـا كـل عبـاس ... أنـت الرجى ياكعام وجيـه المغـيـره
عشرين عام كلها أرجيك يـا دبـاس ... مثـل الغريـر اللـي تولـع بطيـره
عدل المناكـب هيل فـرخ قرنـاس ... يمناه فـى لطـم الحبـاري شطيـره
عانق خلوج روحت عقـب مـرواس ... عنـد العصيـر لبيضهـا مستذيـره
والليل جاه وحال من دونهـا اليـاس ... روحه علـى فرقـاه فـرت فريـره
يادباس أنـا يابـوك مانيـب بـلاس ... ميـر ان عيـلات الرفاقـه كثـيـره
جنبت وسط السوق وامشي مع الساس ... وأخذ اشوي الحـق واتـرك كثيـره
يا دباس لو جبت لي من دحم الاكياس ... مختلفـه مــا بـيـن زر ونـيـره
مالـي بهـا ياجعلـه بألـف قبـاس ... او جعلها تذهـب ولـو هـي كثيـره
يادباس قلبي كل مـا هـب نسنـاس ... شرقيـة هبـت بقلـبـي سعـيـره
والحال يافرز الوغى مسهـا البـاس ... عليـك يـا ناطـح اوجيـه المغيـره
وغصون قلبي يا فتى الجـود يبـاس ... غادي أنـا يابـوك كنـي هشيـره
مـن شافنـي يقـول ذا فيـه لسـاس ... واللـي بـرى حالـي إلهـي خبيـره
لا وعلا من قبـل غـوال الانفـاس ... وامفـارق الدنيـا يجينـا بشـيـره
عسى يطق البـاب والنـاس غطـاس ... ياوالـي القـدره عليـك اتعبـيـره
وصلاة ربـي عـد ماهـب نسنـاس ... على النبـي عـدة احقـوق المطيـره
وقد أشاع أخوة زوجته بأن ابنه دباس يشرب التنباك (السجائر) وانه يحضر مجالس الطرب وغيرها من الإشاعات التي أدت الى ان محمد ابو دباس يعيش في هم وغم من هذه الإشاعات التي راجت في البلدة، وبعد ان تسلم دباس رسالة والده بعث اليه بقصيدة يخبره فيها بأنه لايسمع الى تلك الشائعات، وبأنه محافظ على المراجل التي عوده عليها والده، وكذلك يبشره بأنه قادم لمساعدته في محنته
فقال دباس هذه القصيدة ردا على قصيدة والده:
حي الجواب الى لفانـا مـن الـراس ... جابـه غـلام مـا توانـا مسيـره
أهـلا عـدد مـا حبـس قرطـاس ... ومـا كتـب فوقـه بيـوت شطيـره
جواب منهو مـود مـن النـاس ... أبوي مـا يوصـف حلـي لغيـره
فرز الوغى كنه على الوقر قرنـاس ... وقـروم ربعـه كلهـا تستشـيـره
دليل عيـراه الا هـب نسنـاس ... ثـم اولهـم الجـو مابـه ذخـيـره
مهفى الغنم لاهل الركايـب والافـراس ... لا روحوا بيته عليهـم قصيـره
راعي معاميل بهـا العبـد جـلاس ... للبن يشـري بهـا السنيـن العسيـره
هاذي بمركاها وهـذي بمحمـاس ... وهذا يصيبـه للوجيـه السفيـره
وخلاف ذا ياراكـب فـوق عرمـاس ... ما مونت من نقـوة الهجـن العسيـره
حمرا وهي فى سنها وقـم الاسـداس ... متوسط لافاطر ولا هـى صغيـره
ماهي لحوح راكبه بالعصـى قـاس ... حرم عليهـا غيـر شبـل النجيـره
والخرج هو وبيـوت قيـل قرطـاس ... مـع مزهـب الايـام ماهـي كثيـره
وفوقه غلام منوته قطـع الارمـاس ... لـو هـو بالليـل ماتغيـر نظيـره
ولا لفيت الدار فجهر بـلا بالاحسـاس ... وبلغ سلامـي كـل ذيـك العشيـره
واختص ابوي الى نفل جملة النـاس ... وخصه بعلم وقـل ترانـي بشيـره
لايانقي العـرض يابـوي لابـاس ... ان كان تشكـي الضيـم فانـا اسيـره
وان سالك عنـي ترانـي بنومـاس ... وانا احمد الي مـا توسلـت غيـره
المدح لو يشـرى شرينـاه بكيـاس ... بأموالنـا نرخـص نـدور الستيـره
مطرق فنرج مصاريبه الـراس ... ومصلبـخ جبتـه عسانـى ذخيـره
ابغيـه للـي حادينـك علـى النـاس ... أهـل النمايـم والحكايـا الكثـيـره
ربعن نـوو فيـك الـردا والتخسـاس ... مهبول ياللي قـال غايـب عشيـره
على ديـن لـودع الجميـع بنحـاس ... لين العشيـر يقـوم يلعـن عشيـره
يابوي انا مارحت لكيفة الراس ... مع ذا ولانـي فـى سفـاه وغيـره
اما سكنا الدار مـن غيـر هوجـاس ... ولا نعـاف الـدار وندور غـيـره
كلـه لعين كلمـة قلـت يادبـاس ... تشكي ونا دونـي بحـور غريـزه
خذ لك يمين الشرع قطـاع الانفـاس ... انه فـلا جتنـي علـوم بصيـره
لانب جانـي ولا حبـر بقرطـاس ... ايضـا ولا جتنـي علـوم سفيـره
ان كان تشكي الضيق يابوي لاباس ... جاك الفرج يابـوي هـو البريـره
ولا فانا يـا بـوي قطـاع الارمـاس ... اصبر على الشده ولو هـي عسيـره
يامسندي يابوي شوف اوكد النـاس ... ثم انشده قل ويـش هو فـى مسيـره
وابغى عسى الله يبرد القلب يانـاس ... من لاهـب شبـت بقلبـي سعيـره
ومن كان له غايب فلا يقطع اليـاس ... ان قدر الله جـاب علمـه بشيـره
وفي أحد الأيام عاد دباس وفرح ابو دباس بعودة ابنه، وأصبح يمشي في البلدة مرفوع الرأس والكل يقدر شجاعة ابنه دباس، وهذه من القصص التي تناقلتها الرواه في جزيرة العرب